languageFrançais

الأشخاص ذوي الإعاقة والتمكين الاقتصادي: طريق نحو مجتمعات أكثر شمولًا

في عالم يطمح إلى تحقيق التنمية المستدامة والشمولية، يظل الأشخاص ذوي الإعاقة من بين الفئات الأكثر تهميشًا في المجتمعات.

تشير الإحصاءات إلى أن هذه الفئة، التي تُعد أكبر أقلية في العالم، حيث تواجه تحديات كبيرة تمنعها من الانخراط الكامل في الأنشطة الاقتصادية.

ومع أن 80% من الأشخاص ذوي الإعاقة يعيشون في الدول النامية، إلا أن العقبات التي يواجهونها لا تقتصر على نقص الفرص، بل تمتد إلى غياب البنى التحتية المناسبة وضعف السياسات الشاملة.  

فجوة كبيرة

وفق تقرير حديث أصدره بداية الشهر الحالي "مركز المشروعات الخاصة الدولية" (CIPE) ، تحت عنوان "تعزيز التمكين الاقتصادي للأشخاص ذوي الإعاقة"، يكشف النقاب عن الفجوة الكبيرة التي تفصل الأشخاص ذوي الإعاقة عن تحقيق إمكاناتهم الاقتصادية، مشددًا على أن هذه الفجوة ليست فقط خسارة لهؤلاء الأفراد، بل هي خسارة اقتصادية للمجتمعات ككل.  

القيمة الاقتصادية للإدماج

على عكس التصورات الشائعة بأن تكييف بيئات العمل لتصبح شاملة للأشخاص ذوي الإعاقة أمر مكلف، تظهر الدراسات أن الشركات التي تعتمد ممارسات شاملة تحقق أداءً اقتصاديًا أفضل.

وفقًا لنفس للتقرير، تسجل هذه الشركات أرباحًا تعادل 2.6 ضعف الشركات الأخرى، كما تنخفض معدلات دوران العمالة بنسبة تصل إلى 30% عند توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة.  

وبينما تتطلع الاقتصادات العالمية إلى استثمار المواهب البشرية بكامل طاقتها، يشدد التقرير على أن الإدماج ليس خيارًا بل ضرورة لتحقيق تنافسية مستدامة.  

وفي أفريقيا، حيث تُعد التكنولوجيا أداة محورية للنمو الاقتصادي، دعمت CIPE مبادرة لتعزيز الحقوق الرقمية للأشخاص ذوي الإعاقة. 
تضمنت المبادرة تطوير مؤشرات شمولية تُساعد على تقييم مدى توافق الأدوات الرقمية مع احتياجات هذه الفئة، وهو جهد مهم في ظل التحول الرقمي المتسارع.  

تعزيز الشراكات

من خلال تعزيز الشراكات مع المنظمات المحلية والدولية، يمكن لقطاع الأعمال أن يسهم في بناء بيئات اقتصادية أكثر عدالة.

كما أن المبادرات التي تركز على التوظيف الشامل وتطوير الأدوات المساعدة هي خطوات عملية نحو تحقيق هذا الهدف.  

ويُعد التمكين الاقتصادي للأشخاص ذوي الإعاقة حجر الزاوية لبناء مجتمعات أكثر شمولًا وإنصافًا. ومع تطلع العالم إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة، يصبح الاستثمار في إدماج هذه الفئة أكثر إلحاحًا.  

إن تحقيق الشمولية ليس مجرد التزام أخلاقي، بل هو فرصة لتحفيز الابتكار وتعزيز النمو الاقتصادي، وفي عالم يتغير بسرعة، يمكن للأشخاص ذوي الإعاقة أن يكونوا قوة دافعة نحو مستقبل أكثر ازدهارًا للجميع.

صلاح الدين كريمي